فضل العشر الأواخر من شهر رمضان
هل تبحث عن رحلة روحية استثنائية؟ رحلة تُزهر فيها الروح وتُنير فيها القلوب؟ رحلة تُحملك على أجنحة الطاعة والإيمان إلى عوالم النور والرحمة؟
لا تبحث بعيدًا، فمفتاح هذه الرحلة بين يديك، إنه شهر رمضان المبارك، وخاصة العشر الأواخر منه تلك الليالي التي يُضاعف فيها الله تعالى الأجر والثواب، وتُفتح فيها أبواب الجنة على مصراعيها، وتُغلق فيها أبواب النار، ففي رحاب العشر الأواخر، تُشرق شمس الإيمان بنورها الأشد، وتُنثر أزهار الرحمة عطرها العبق، وتُحلق أرواح المؤمنين في سماء الطاعة والغفران، فدعونا نتعرف على فضل العشر الأواخر من شهر رمضان.
ماذا تعرف عن فضل العشر الأواخر من شهر رمضان؟
- فيها ليلة عظيمة وهي ليلة القدر، حيث تُعد ليلة القدر جوهرة العشر الأواخر، بل هي أفضل من ألف شهر، ففيها يُقدر الله تعالى الأحداث والمشاريع لسنة كاملة، ويكتب فيها أقدار العباد.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه”.
فيها تُفتح أبواب المغفرة والرحمة، ويُمحى الله تعالى ذنوب كل عباده العائدين التائبين، فما أجمل أن تُطهر روحك من ذنوب العام وتُقبل على الله بقلبٍ سليم.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين “.
و يُضاعف الله تعالى في هذه الليالي المباركة الأجر والثواب، فكل عمل صالح يُضاعف الله أجره، فما أجمل أن تُغتنم هذه الفرصة لتُكثر من الأعمال الصالحة.
عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: ” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره ” رواه مسلم.
وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها أيضًا: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجَدَّ وشدَّ المئزر” رواه مسلم.
- وفي هذه الليالي العظيمة يُستجاب فيها الدعوات، ويقضى الله حوائج العباد، فما أجمل أن تُرفع أكف الضراعة إلى الله تعالى وتُلح في الدعاء.
- كما تعد العشر الأواخر بركة ونور على العام بأكمله، فما أجمل أن تُنير عامك بفضل هذه الليالي العظيمة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، ليلة التاسعة تبقى، ليلة السابعة تبقى، ليلة الخامسة تبقى “.
كيف تغتنم العشر الأواخر من شهر رمضان؟
بعد التعرف على فضل العشر الأواخر من شهر رمضان، فدعونا نتعرف عن كيفية اغتنامها للحصول على فضلها وثوابها:
يُستحب الإكثار من قيام الليل في هذه اليالي العظيمة، وتلاوة القرآن الكريم، والذكر والدعاء، والصدقة، والتكبير والتهليل.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: ” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله”.
يُستحب الاعتكاف في المسجد خلال العشر الأواخر، والتفرغ للعبادة والدعاء.
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان “.
- تحري ليلة القدر في العشر الأواخر، والاجتهاد في العبادة والدعاء فيها.
- التوبة النصوح من الذنوب، والرجوع إلى الله تعالى بقلبٍ سليم.
ويُستحب في هذه الليالي العظيمة الإصلاح بين الناس، والتسامح، ونشر المحبة والتآخي.
علامات ليلة القدر
بعد التعرف على فضل العشر الأواخر من شهر رمضان، وكيفية اغتنامها، فدعونا نتعرف على علامات أعظم ليلة فيها وهي ليلة القدر التي هي خيرٌ من ألف شهر:
- ليلة طلقة، لا حارة ولا باردة.
- صافية لا غيم فيها.
- القمر فيها مثل منارة.
- طلع الشمس في صبيحتها لا شعاع لها، حمراء كأنها طست.
- كثرة الملائكة في تلك الليلة.
- نزول الرحمة والمغفرة.
- هدوء الرياح.
- إشراق القمر كأنه نصفه.
- شعور المؤمن براحة وسكينة في تلك الليلة.
دعاء ليلة القدر الذي ورد النبي صلى الله عليه وسلم
ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاء خاص لليلة القدر، وهو: ” اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني “.
ويُستحب الدعاء بكل ما يهم المسلم من أمور الدنيا والآخرة.
فضل الاعتكاف في العشر الأواخر من شهر رمضان
- الاعتكاف يعني التفرغ للعبادة في المسجد، ويُعد الاعتكاف من السنن المؤكدة في العشر الأواخر، كما وردت أحاديث كثيرة تُؤكد على فضل الاعتكاف.
آداب العشر الأواخر من شهر رمضان
- الإكثار من الطاعة والعبادة.
- الحرص على قراءة القرآن الكريم.
- الإكثار من الدعاء والتضرع إلى الله تعالى.
- التصدق على الفقراء والمحتاجين.
- التسامح والتغافر بين الناس.
قصص عن فضل العشر الأواخر من شهر رمضان
1- قصة الصحابي الجليل تميم الداري رضي الله عنه، وكيف نال شرف ليلة القدر:
كان تميم الداري رضي الله عنه من كبار الصحابة، وكان رجلاً ذا عائلة كبيرة، وكان يُحب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم حبًا شديدًا.
في إحدى الليالي من العشر الأواخر من شهر رمضان، خرج تميم الداري رضي الله عنه إلى المسجد ليُصلي، فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا في المسجد، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” يا تميم، ما أخرجك من بيتك في هذه الساعة؟ “، فقال تميم رضي الله عنه: ” يا رسول الله، خرجتُ أطلب ليلة القدر، فأين أجدها؟ “، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اطلبها في العشر الأواخر من رمضان، فإنها في العشر الأواخر من رمضان، والله أعلم أي ليلة هي، فاجتهد في طلبها، فإنها خير من ألف شهر”.
فقال تميم رضي الله عنه: “يا رسول الله، دلني على علاماتها، فأعرفها إن شاء الله تعالى”، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “علامتها أن تكون ليلة طلقة، لا حارة ولا باردة، وصافية لا غيم فيها، والقمر فيها مثل منارة، وطلع الشمس في صبيحتها لا شعاع لها، حمراء كأنها طست “، فقال تميم رضي الله عنه: ” يا رسول الله، إني رجل ضعيف، لا أستطيع أن أقوم الليل كله، فما تأمرني به؟ “، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إذا قمت من الليل، فاقرأ عشر آيات من القرآن الكريم، ثم ارفع رأسك، ثم ادع الله تعالى بما شئت، فإنه يستجيب لك “.
فقال تميم رضي الله عنه: ” يا رسول الله، إني رجل فقير، ليس عندي ما أتصدق به، فما تأمرني به؟ “، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” تصدق بابتسامة في وجه أخيك، وتُعطي من ماء سؤالك، وتُزيل الأذى عن الطريق، فإن كل ذلك صدقة “، فخرج تميم الداري رضي الله عنه من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يُعاهد الله تعالى أن يجتهد في طلب ليلة القدر، وأن يُكثر من الطاعة والعبادة.
وفي إحدى الليالي من العشر الأواخر، قام تميم الداري رضي الله عنه للصلاة، فوجد كل ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن علامات ليلة القدر قد تحقق، فقام الليل كله يصلي ويقرأ القرآن الكريم ويدعو الله تعالى، وفي الصباح ذهب تميم الداري رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” هل وجدت ليلة القدر؟ “، فقال تميم رضي الله عنه: ” نعم يا رسول الله، وجدتُها، وقد فعلتُ ما أمرتني به “، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” بارك الله لك يا تميم “.
وهكذا نال تميم الداري رضي الله عنه شرف ليلة القدر وفضل العشر الأواخر من شهر رمضان، وذلك بفضل اجتهاده وحرصه على طلبها.
2- قصة الصحابية الجليلة أم سلمة رضي الله عنها، وكيف كانت تُحرّي ليلة القدر:
كانت أم سلمة رضي الله عنها من كبار الصحابيات، وزوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت امرأة ذات عقل وفقه وعبادة، كما كانت أم سلمة رضي الله عنها تُحرص على قضاء العشر الأواخر من شهر رمضان في العبادة والطاعة، وكان لها حرص خاص على تحري ليلة القدر.
فكانت تُكثر من قيام الليل، وتلاوة القرآن الكريم، والدعاء، والصدقة، وكانت تُنظف بيتها وتُطيبه، وتلبس أحسن ما عندها، وتُعد الطعام ليلة القدر، وكانت تُحرص على صلاة الوتر في جماعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تنال فضل العشر الأواخر من شهر رمضان وفضل ليلة القدر.
كما كانت تُراقب علامات ليلة القدر، كما أخبرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت تُكثر من الدعاء في ليلة القدر، وتدعو الله تعالى بكل ما يهمها، ومن أشهر أدعيتها في ليلة القدر: ” اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني “.
وكانت أم سلمة رضي الله عنها تُخبر الناس بعلامات ليلة القدر، وتُشجعهم على طلبها، وهكذا كانت أم سلمة رضي الله عنها مثالاً للمرأة المسلمة التي تُحرص على قضاء العشر الأواخر من شهر رمضان في العبادة والطاعة، وتحري ليلة القدر.